ليلى العوني – الأيقونة الثقافية
من منا لا يذكر سيزاريا إيفورا، بيلي بول ، باربرا هندريكس ، كول آند ذا جانج ، لاكي بيترسون ، برنارد أليسون ، ديانا كرول ، مايلز ديفيس ، مانو ديبانغو ، ليو فيري ، ديزي غيليسبي ، جوني فان دايك ، راندي ويستون ، كيث جاريت ، ميشال جوناسز ، باث هارت، تشارلز مينغوس…وغيرهم كثر من أرباب الجاز في العالم، جميعهم قدموا إلى تونس ومازالت موسيقاهم إلى اليوم يتردد صداها في أركان البازيليك بطبرقة تلك المدينة التي استطاعت بمجهودات ذاتية أن تقيم مهرجانا من أهم مهرجانات الجاز في العالم..
منذ 1973 وعلى مدار خمسين عاما تأرجح المهرجان بين صعود ونزول وكطائر الفينيق كان في كل مرة يقوم من رماده وينفض عنه غبار النسيان ليعود للحياة ولمدينة منسية.. لكن هذه المرة تبدو عودة المهرجان إلى سنوات أوجه وتألقه عسيرة فوزارة الشؤون الثقافية قد طلبت علنا من الهيئة المديرة للمهرجان التخفيض من قيمة عروض المهرجان بل وجعله يقتصر على العروض التونسية رامية عرض البحر بإرث ثقافي موسيقي لا يُقدر بثمن مستهترة بمكانة مهرجان كان نجوم الجاز حول العالم يتسابقون لتسجيل أسمائهم ضمن برمجته..
بكل مرارة وحسرة وألم نظمت الهيئة المديرة للمهرجان أمس 8 أوت بقاعة ريو بالعاصمة ندوة صحفية قدمت فيها أسباب إلغاء الدورة 20 من المهرجان وأجابت فيها هند مقراني مديرة إدارة التظاهرات الثقافية والمهرجانات التي نظمت بدورها ندوة صحفية يوم 7 أوت بمدينة الثقافة وقدمت فيها ظاهرا “الطُرق المثلى” لتقديم ملف الدعم العمومي ولكنها توجهت رأسا إلى مهرجان الجاز بطبرقة معلنة “اندهاشها من إلغاء الدورة 20” كأن الندوة قد أتت استباقية حتى لا يفضح منظمو مهرجان الجاز سياسات الممطالة التي انتهجتها وزاة الشؤون الثقافية والتي دفعت بهم دفعا إلى إلغاء الدورة 20 من مهرجان الجاز بطبرقة…
وخلال الندوة ، بيّن جلال الهلالي مدير المهرجان ورئيس جمعية التنمية الثقافية بطبرقة بالتفصيل المراسلات التي قام بها لوزارتي الثقافة والسياحة والوعود البراقة التي قدماها له ما دفعه للإتصال بمتعهد حفلات للتفاوض مع الأسماء التي ستكون حاضرة في المهرجان في مناسبتين إذ أخلت الوزارتان بوعودهما في مناسبة أولى عقبتها أخرى مما انجرّ عنه تتبعات قضائية رفعها عديد الفنانين ممن اعتبروا أن ما حصل لهم تلاعب وتحيّل من قبل هيئة المهرجان…مما سيضر بديهيا بسمعة المهرجان وربما تكون الضربة القاضية لمهرجان من أعرق مهرجانات الجاز في العالم…
في النهاية قررت الهيئة المديرة يوم 26 جويلية إلغاء الدورة 20 نظرا للغياب التام للدعم العمومي للمهرجان. بهذه البساطة والإستهتار من قبل وزارة الشؤون الثقافية ووزارة السياحة يتم القضاء على كل ماهو جميل وعريق في هذا الوطن، هذه السلط التي أصبحت تتملّص من تقديم الدعم لمهرجان عريق وجالب للسياح والإستثمار ومورد رزق لعديد العائلات في طبرقة، تُسائل القائمين على المهرجان وتستفسرهم عن سبب عدم جلب مستشهرين لمهرجان لم ينتظم منذ 2019 …ألم يعلموا أنه لا يمكن لأي مستشهر أن يغامر ويقدم دعما دون ضمانات…؟!