ليلى العوني – الأيقونة الثقافية
لقاء حميمي جمع النقابيين والسياسيين والحقوقيين والإعلامين أمثال عزة السافي، سامي العوادي، سامي الطاهري، عبد الحكيم بن حمودة، نور الدين الطبوبي وغيرهم كثر إجتمعوا اليوم الجمعة 17 مارس 2023 بأحد نزل العاصمة إحتفاء بشهادة الأمين العام السابق للإتحاد العام التونسي للشغل وصاحب جائزة نوبل للسلام حسين العباسي حول 70 سنة من تاريخ تونس الحديثة كيف رآها وكيف عاشها وكيف تفاعل معها صلب الإتحاد وخارجه في كتاب نشرته دار نيرفانا للنشر يحمل من العنوانين “تونس والفرص المهدورة”.
ولما كان الدكتور نادر الحمامي صاحب مقدمة هذا الكتاب بدا من البديهي أن يحضر لتقديمه مرة أخرى شفويا للجمهور الغفير الذي واكب هذا الحدث.
“كلمة مفتاح في حياة الحسين العباسي وهي “الصدفة” وقد شاءت الصدف أن ألتقي بحسين العباسي للحديث عن مشروعه الجديد في الكتابة وقد كنت أعرف العباسي مثل أغلب التونسيين من خلال لقاءاته الإعلامية..وخلال متابعتي لمراحل كتابة هذا المؤلف، إكتشفت أن ما يظهر من صورة وراء شاشة التلفاز قد لا تكون هي نفسها الصورة الحقيقية عندما تقترب من الشخص وتتعامل معه مباشرة لذلك عندما طُلب مني تقديم هذا الكتاب عنونته ب “ليس الخبر كالعيان” بهذه الكلمات إستهل الدكتور نادر الحمامي تقديمه لكتاب “تونس والفرص الضائعة”.
ليعتبر الحمامي أن هذا الكتاب يساهم في رواية تاريخ تونس بشكل عام على مدى سبعين سنة وأهم ما في هذا المؤلف هو مدخله حيث سجل العباسي أول موقف “رفض” في حياته في سن الثامنة، حيث رفض حمل دلوين ثقيلين من الماء ليرفق هذا الرفض بحوار وحجاج لإثبات حقه في الرفض.ربما لذلك كان عنوان الفصل الأول من الكتاب “ملامح تتشكل” فثنائية “الرفض” و”الحوار” هي أساس صفات أي نقابي.
وللمرأة دور كبير في حياة العباسي من خلال حديثه المسهب عن شخصية جدته وشخصية “شاذلية” ثم دور زوجته أثناء رئاسة الإتحاد خصوصا ليكون لذلك الأثر الكبير في نظرته إلى المرأة وهذا بدوره يحيلنا إلى قيمة “الإعتراف” الموجودة بقوة في الكتاب فالمؤلف هنا لا ينسى أن يعترف بفضل من له الفضل الذي لا يرتبط بالشخص في حد ذاته إنما بالموقف الذي يتخذه في ذلك الظرف، فتارة نجد العباسي يثني على موقف شخص معين ثم ينكر عليه موقفا آخر ..علاقته بالأشخاص لا تنبني على مجرد إنطباعات شخصية.
يحدد هذا الكتاب طريقة أخرى للإنتماء إلى المنظمات، هو حب من نوع آخر، هو نظرة أخرى لا تقول أشياء غير موجودة والدليل على ذلك أنه قد قيم نفسه بنفسه وتراجع عن مواقف وإعترف بأخطاء إرتكبها أثناء الأمانة العامة للإتحاد.
إن ما يلفت إنتباه القارئ هو علاقة العباسي الحادة بكل الإيديولوجيات فهو يكره ما سماه هو “الإيديولوجيات المحنطة” إلا أنه قد يتبنى مبدئا معينا في إيديولوجيا معينة شريطة أن لا تتعارض هذه الإيديولوجيا مع البعد الوطني.
هذا الكتاب هو شهادة حقيقية، ذكية وفي وقتها، تظهر كيف أن تونس قد اضاعت العديد من الفرص كما يشير عنوانه خاصة فيما يتعلق بنيل جائزة نوبل للسلام وعدم إستثمارها والتعتيم القصدي عليها…
بهذه الكلمات إختتم الدكتور نادر الحمامي تقديمه للكتاب مشيرا إلى الحلول التي أرفقها حسين العباسي للوضع العام في المنظمة الشغيلة ألا وهو “إستقلالية الإتحاد العام التونسي للشغل” والتي في رأيه قيمة أساسية ولا يمكن للإتحاد لعب دوره الوطني دونها.
أما في كلمة العباسي التي جاءت مشحونة بالذكريات والمشاعر الإنسانية روى لنا فيها مجموعة من الطرائف والمكائد والأحداث المختلفة قبل الأمانة العامة للإتحاد وأثنائه، كما ترحم على الزعيم الحبيب عاشور الذي يعتبر أنه قد ظُلم كثيرا مقارنة بما قدمه من تضحيات للإتحاد العام التونسي للشغل.
