ليلى العوني – الأيقونة الثقافية
صيحة فزع أطلقتها أمس الأربعاء 15 مارس الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في ندوة صحفية أقيمت في نقابة الصحفيين التونسيين وذلك عقب إغلاق عدد كبير من قاعات السينما خصوصا في الفترة الأخيرة وآخرها قاعة أميلكار العريقة مما خلّف حرقة وحسرة في نفوس أصحاب القطاع ومحبي الفن السابع على حد السواء دون أن تحرك وزارة الثقافة ساكنا..
بكل هدوء ورصانة تحدث أعضاء الغرفة الوطنية فلم يكن هدفهم صناعة “البوز” أو الإفتراء على وزارة الثقافة بل إعتبروها الشريك الأقوى في العملية الإنتاجية إلا أنها لا ترد الفعل حول وضع السينما في تونس بالشكل المناسب..رمسيس محفوظ رئيس الغرفة إستهل الندوة بالدعوة لمختلف النقابات الأخرى صلب قطاع السينما لتقريب المسافات والترفع عن الخلافات لأنه وبعد 10 سنين على المسار الإنتقالي وخصوصا بعد سنتين من الحظر بسبب الكورونا أصبح الوضع لا يطاق كما هو دليل قدرة المنتجين على الصمود وعزيمتهم وتفائلهم بالمستقبل..
ولا يخفى على أحد أن التمويل الوحيد للسينما التونسية هو دعم الدولة المتمثل في المنح لكن الوزارة تتراجع في كل مرة عن وعودها فبعد أن تم الإتفاق سنة 2019 على الترفيع في قيمة الدعم إلى 7 مليون دينار تراجع هذا المبلغ سنة 2021 إلى 5 مليون دينار لا بل يتراجع سنة 2022 إلى 4 مليون دينار وهي نفس الميزانية منذ 20 سنة لم تتغير مما جعل نسبة المشاريع التي سيتم دعمها من الوزارة 25% فقط من مجمل المشاريع وهي نسبة قليلة جدا..
“نطلب من الوزارة العودة إلى الإتفاقيات وللترفيع التدريجي في الميزانية ووضع قوانين تحفيزية للتشجيع على الإستثمار لتنويع مصادر التمويل وتخفيف الضغط على الدولة أيضا مما يستوجب كذلك تغيير المرسوم عدد 717 الذي عف عليه الزمن ولم يعد يستجيب لمتغيرات القطاع والمقترح البديل لهذا المرسوم جاهز ومقدم للوزارة منذ 5 سنين ولا من مجيب..” حسب ما أوضح رمسيس محفوظ حول مطالب النقابة.
كما أكد محفوظ على ضرورة تلاقي كل الأطراف المعنية لتجاوز مشاكل القطاع العديدة وهو لا يتم إلا بخطوة من مركز السينما والصورة ووزارة الثقافة بتجديد تركيبة المجالس المعنية كما نوه إلى أن السينما قطاع صناعي يوفر فرص شغل كبيرة ومرابيح ويجلب العملة الصعبة للبلاد وهو أيضا صورة تونس بالخارج لذا لا يجب تجاهله أو إحتقاره.
“لماذا ألغيت دورة 2023 لأيام قرطاج السينمائية ولمصلحة من يلغى التنظيم السنوي للأيام والعودة إلى الوراء بإقامة دورة كل سنتين؟ لمصلحة من أن تضرب بهذا القرار قاعات السينما، المنتجين، الموزعين، الجمعيات السينمائية، معاهد السينما… وكل مؤمن بالسينما في تونس من الداخل والخارج؟ لماذا يتم التقليص من ميزانية الدعم المخصصة للسينما في حين أن القطاع ونحن نحتفل بمائويته قد أنتج 100 فيلم روائي طويل في 10 سنوات مقابل 10 أفلام في سنة 90 سنة كاملة؟ لماذا يتم إلغاء صندوق المساعدة على الإستثمار في قاعات السينما والحال أن عدد القاعات قليل ناهيك عن وضعية أغلبها الرثة والآيلة للسقوط؟ لماذا عادت في 2023 لجنة الرقابة وقد تحول إسمها للجنة وصاية وأخلاق حميدة في عملية مغالطة وتسويف مفضوح بعد أن كنا قد تحررنا من هذه الممارسات الديكتاتورية منذ الثورة التونسية؟ وبعد الطريق النضالي الطويل والمتعب والذي كلفنا التضحيات والأرواح لنيل حريتنا! لماذا لا يوجد تقييم ولا تشخيص للوضع ما بعد الكوفيد مثلما حصل في كل العالم وقد صرفت عديد الدول آلاف الدولات لإنقاذ قطاع السينما من الموت؟ كل هذه التساؤلات التي نراها منطقية وموضوعية طرحها الموزع محمد الفريني على وزارة الشؤون الثقافية خلال الندوة الصحفية مؤكدا أن هذه سياسة تخريب ممنهج السينما التونسية التي حققت الكثير خصوصا بعد الثورة حيث وبإمكانيات معدومة، تمكنت من إنتاج أفلام تمثّل أو تكسب جوائز في أهم المهرجانات السينمائية العالمية وأصبح مهرجان كان السينمائي وحتى الأوسكار الأمريكي ليس غريبا عنها… والقصد من تجويع المنتجين تطويعهم والسينما التونسية حتى تصبح تحت سيطرة نظام 25 جويلية.